ذات مرةٍ كان هنالك ثلاثْ معدنين قد بدأوا بحفر بئرٍ للبحث عن الذهب و كان يعقدون عليها أمالاً عِراضاً ، واصلوا أعمال الحفر ليل نهار ولم ينتجوا شيئاً .
كان أولئك الشبان يتابعون العِرقْ الرئيسي منذ بداية الحفر ﻹحتمالية أن تظهر فيه (النسبة:نسبة الذهب) ويرمون ما يجاورُ هذا العِرقْ جانباً حتى أضحى كَتَلٍ كبير .
ذات يوم أقترح عليهم أحد اﻷصدقاء الذي كان يأتيهم من حين إلى آخر قائلاً : هل تحتاجون هذه (الجِيْرَة) . مشيراً إلى الركام الذي كانوا قد أهملوه جانباً ، فلم يمانعوا بتركها له . طبعاً صديقنا لديه غرض بالتأكيد :)
فكان يأخذ منها هذا ذلك الصديق بقدر إستطاعته ، و لم يهتم أولئك الشباب بالموضوع . و يوماً ما جاءهم يركبُ شاحنةً كبيرة (لُوُرْي) و أطلْ برأسه من شباك الشاحنة مستفسراً مرةً أخرى بنفس سؤاله اﻷول : يا جماعة الجيرة دي دايْرِنْها (هل تحتاجونها) :)
و أخيراً أصاب الشباب الشك من طريقة صديقنا فقالوا مستفهمين : "إنت حكايتك شنو؟" ، رد عليهم مبتسماً : و الله يا إخوان أتعبتم أنفسكم بترككم للجيرة ، عن نفسي الحمد لله إستفدت ، ركزوا في الجيرة الله يرضى عليكم دهبكم فيها ، ما في العرق .
(دوّر فات) ومضى ، يقال أنه قد كتب في خلف شاحنته (اللوري) " ماقلتو جيرة" أي أنكم بخسمتوها (الجيرة) من دون أن تجربوها .
مسميات لها معنى :
الدَهْابِي : يطلق على كل شخص ممارس لمهنة التعدين التقليدي من بحث و استكشاف و استخراج بالطرق العادية فقط .
القُو-قُو : عبارة عن جوال فارغ يحوي كل أغراض الدهابي ابتداءاً من الملابس و الأغطية و اللحاف وصولاً الى فرشة اﻷسنان .
التْايَة : بيت الدهابي و يبنى في الغالب من المشمع أو يكون كخيمة عادية .
اﻷَجَنَةْ و الشواكيش : عدة تحرير التكوينات الحاملة لمعدن الذهب من الصخور المجاورة (الجيرة) .
الجِيِرَةْ : التتكوين الجيولوجي المحيط بعرق الكوارتز الحامل للذهب يكون ذو لون أخضر زيتي .
البِيِرْ : بئر تحفر بشكل عمودي أو زاوي او أفقي لمتابعة العرق الحامل للذهب و الذي يحدد أبعاد و عمق البئر من الداخل .
الشُوكال : هو يمثل الفاصل بين اﻷبار المتجاورة ويعتبر عمود البئر الذي يسند عليه و بدونه تنهار البئر .
الزِرارة : هي جزء من الشوكال بعد إقتطاع كمية كبيرة منه بواسطة (الكوماجي) .
الكُوماجِي : هو دهابي يغامر بحياته للدخول في اﻷبار التي تم هجرها و منع النزول فيها لخطورتها حيث يمارس عمله خفية في الغالب .
الشَوْال : هي الوحدة العيارية لقياس كمية و حجم اﻹنتاج من (الحجر) و يكون جوال سكر أو دقيق فارغ زنة 50 كلغم .
الحجر : يمثل العرق الحامل للذهب زو تركيزات مربحة نسبياً .
النِسْبة : هي عدد جرامات الذهب في الشوال الواحد .
صَحَنْ النِسْبَة : عبارة عن صحن استيل (فولاذ) صغير بملئ اليد أو الكف الواحدة توضع فيه بودرة (الحجر) مع قليل من الماء ثم يحرك بطريق ال Panning لمعرفة وجود الذهب و المعادن اﻷخرى بالعين المجردة .
القَوْاد : صخر أسود في الغالب يحل محل العرق الرئيسي أحياناً ويتبادلا سوياً نفس المكان .
السَتَلِين : أي شيء يكون ذو لمعان معدني مثل القصدير عنصر Tin أو معدن البيرايت Pyrite .
الصِيِنِيَة : سد عدسي ذو صلابة عالية نسبياً يغلق كل المنافذ المؤدية للعرق الرئيسي يتكون في اﻷساس من السيليكات .
البِير الطويلة :بئر تكون تزيد عن 60 متر (30 راجل)
الرَاجِل : وحدة قياس طولية لقياس عمق اﻵبار ويساوي الراجل 2 متر طولي .
البِير العمودية : هي بئر لا يوجد بها أي ميلان على المستوى اﻷفقي .
البِير اﻷَنْتِنُوفْ : عبارة عن بئر ذات ميلان 45 درجة تزيد أو تنقص قليلاً .
بِير اﻷجنحة : هي بئر تفرعت إلى أكثر من بئر واحدة .
الوَرْدِية : شفتات Shifts تقسم ترتيب عمل الدهابة في البئر المعنية .
العُوُدْ : هو نصيب الواحد من أصحاب الئر في الأرباح .
الوَرْدِيَات اللَّافْة : هي ورديات تدور تعمل على مدار اليوم وذلك في اﻷبار ذات اﻹنتاج العالي من (الحجر) و ربما يكون ذلك في غير اﻷبار المنجة لزيادة اﻹنتاج .
الوَرْدِية الطَايْرَة : هي وردية لمرة واحدة فقط تكون غالباً في الآبار ذات (النسبة) العالية من الذهب .
الشَبّار : هو عبارة عن حفر صغير على طول جدار البئر يستخدم لوضع اﻷيدي و اﻷجل بالتتابع لتسالق البئر صعوداً و هبوطاً .
كيف تقسم اﻷنصبة في اﻵبار ؟
من أكثر اﻷشياء التي أثارت تساؤلي في بداية معرفتي بالبحث عن الذهب في السودان هو لماذا أختار (الدهابة) هذه التقسيمات الكلية فقط دون غيرها ، علمت اﻹجابة لكن بعد سنين من مزاولة هذه المهنة الممتعة لكن أولاً دعونا نتعرف على أنواع التقسيمات :
أولاً : اﻷجهزة :
تستخدم في السودان العديد من الـ Metal Detectors أو كاشفات الذهب أو (اﻷجهزة) كما هو مصطلح عليه منها Gold Master و GPX و Teknetics بأنواعها المختلفة للبحث عن الذهب ، هنالك 3 مكونات للرحلة ، هى الجهاز كاشف الذهب و العربية (السيارة) التي تنقل الرحلة بكل مستلزماتها وتكون في العادي بيك أب (بوكس) و(الدهابي) الذي حمل الجهاز أثناء التوقف للبحث ولكلٍ ثلث من مجموع الحصيلة الكلية للرحلة من الذهب .
ثانياً : اﻷبار :
يقسم ناتج (البير) من الذهب على قسمين رئيسيين أولهما صاحب البئر و شركاءه فيها القسم الثاني يخصص لعمال الحفر داخل البئر .
اﻹستثمار : في حال تعذر عملية استخراج (الحجر) ﻷي سبب يدخل المستثمر بربع نصيب العمال في الغالب إذا كانت المشكلة في الحفر تعيق عامل البئر أساساً ، أم إن كانت المشكلة كإعادة تأهيل البئر كتوسعة مدخلها مثلاً أو إعادة حفر بئر مدفونة فيقوم أصحاب البئر بمنحه (عود) أي نصيب متساوي ككل الشركاء اﻷساسيين في اﻷرباح .
التقسيمات أعلاه تعتبر أصول المهنة اﻷساسية لكن يمكن أن تخرق من حين الى أخر حسب ما أتفق عليه بين العمال و الشركاء ، وقد علمت مؤخراً أن هذه التقسيمات لم تأتي عبثاً فقد أثبتت جدواها في تشجيع كل اﻷطراف في انجاز اﻷعمال المنوطة بهم و بالتالي جني اﻷرباح و فقاً لذلك .
عادات (الدهابة) :
اعتاد المعدنون من وقت الى آخر بعض السلوكيات التي تميزهم عن غيرهم ، فقد تجد أحدهم ما فتيء يطلب من زملاءه و معارفه بكلمة (أديني بير) يعيني أعطيني بئر :) و قد تجد أحدهم ينتهي به المطاف و قد أعطى من فلان و فلان إلى حد 4 أبيار مثلاً بدون أن يبدأ بتنمية أو تجهيز أي منها وتجده يحكي لك أن فلاناً اعطاه بئرين وذاك اعطاه بئر وهكذا بدون أي تقدم للأسف هذا يذكرني بمجال العقارات وتجار اﻷراضضي الذين يسعون للإحاطة بكل القطع السكنية منها و الزراعية من غير فائدة .
أيضاً (للدهابي) واحدة من الثوابت إن جاز التعبير بأن الخيانة تزيل البركة و تجده يبدأ بسرد اﻷقاصيص عن أناس حملو ما هو معروف سلفاً (بنسبته) الكبيرة من الذهب لطحنها و معالجتها في سوق (الطواحين) و عندما تحدث الخيانة من أي طرف فإن الذهب يختفى تماما اذا لم تقل نسبته إلى حد كبير .
هنا في هذه الصفحة سردنا الجزء اليسير من تفاصيل مجتمع المعدنين التقليديين مع بعض المصطلحات الخاصة بهذا المجتمع ربما لن نجدها كثيراً على شبكة اﻹنترنت ، إذا و صلت بالقراءة إلى هذا السطر فأنت مدعو للمرور من هنا مرة أخرى لرؤية المزيد .. شكراً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق